نهج البلاغة

وهو مجموعة خطب مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وأوامره وكتبه ورسائله وحكمه ومواعظه تأليف: الشريف الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام

الخميس، 8 مارس 2012

[ 9 ] ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية

فَأَرَادَ قَوْمُنَا قَتْلَ نَبِيِّنَا، وَاجْتِيَاحَ أَصْلِنَا (1) ، وَهَمُّوا بِنَا الْهُمُومَ (2) ، وَفَعَلُوا بِنَا الْأَفَاعِيلَ (3) ، وَمَنَعُونَا الْعَذْبَ (4) ، وَأَحْلَسُونَا (5) الْخَوْفَ، وَاضْطَرُّونَا (6) إِلَى جَبَلٍ وَعْرٍ (7) ، وَأَوْقَدُوا لَنَا نَارَ الْحَرْبِ، فَعَزَمَ اللهُ لَنَا (8) عَلَى الذَّبِّ عَنْ حَوْزَتِهِ (9) ، وَالرَّمْيِ مِنْ وَرَاءِ حُرْمَتِهِ (10) . مُؤْمِنُنَا يَبْغِي بِذلِكَ الْأَجْرَ، وَكَافِرُنَا يُحَامِي عَنِ الْأَصْلِ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ قُرَيشٍ خِلْوٌ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ بِحِلْفٍ يَمْنَعُهُ، أَوْ عَشِيرَةٍ تَقُومُ دُونَهُ، فَهُوَ مِنَ الْقَتْلِ بِمَكَانِ أَمْنٍ. وَكَانَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ- إذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ (11) ، وَأَحْجَمَ النَّاسُ، قَدَّمَ أَهْلَ بَيْتِهِ فَوَقَى بِهِمْ أَصَحَابَهُ حَرَّ السُّيُوفِ (12) وَالْأَسِنَّةِ، فَقُتِلَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقُتِلَ جَعْفَرُ يَوْمَ مُؤْتَةَ (13) ، وَأَرَادَ مَنْ لَوْ شِئْتُ ذَكَرْتُ اسْمَهُ مِثْلَ الَّذِي أَرَادُوا مِنَ الشَّهَادَةِ، وَلكِنَّ آجَالَهُمْ عُجِّلَتْ،مَنِيَّتَهُ أُجِّلَتْ. فَيَاعَجَباً لِلدَّهْرِ! إِذْ صِرْتُ يُقْرَنُ بِي مَنْ لَمْ يَسْعَ بِقَدَمِي (14) ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ كَسَابِقَتِي (15) الَّتِي لاَ يُدْلِي أحَدٌ (16) بِمِثْلِهَا، إِلاَّ أَنْ يَدَّعِيَ مُدَّعٍ مَا لاَ أَعْرِفُهُ، وَلاَ أَظُنُّ اللهَ يَعْرِفُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ مِنْ دَفْعِ قَتَلَةِ عُثْمانَ إِلَيْكَ، فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي هذَا الْأَمْرِ، فَلَمْ أَرَهُ يَسَعُنِي دَفْعُهُمْ إِلَيْكَ وَلاَ إِلَى غَيْرِكَ، وَلَعَمْرِي لَئِنْ لَمْ تَنْزِعْ (17) عَنْ غَيِّكَ وَشِقَاقِكَ (18) لَتَعْرِفَنَّهُمْ عَنْ قَلِيلٍ يَطْلُبُونَكَ، لاَ يُكَلِّفُونَكَ طَلَبَهُمْ فِي بَرٍّ وَلاَ بَحْرٍ، وَلاَ جَبَلٍ وَلاَ سَهْلٍ، إِلاَّ أَنَّهُ طَلَبٌ يَسُوءُكَ وِجْدَانُهُ، وَزَوْرٌ (19) لاَ يَسُرُّكَ لُقْيَانُهُ، وَالسَّلاَمُ لِأَهْلِهِ.

1. الاجتياح: الاستئصال والإهلاك.
2. هموا بنا الهموم: قصدوا إنزالها بنا.
3. الأفاعيل ـ جمع أُفْعولة ـ : الفَعْلة الرديئة.
4. العذب: هنيء العيش.
5. أحلسونا: ألزمونا.
6. اضطرونا: ألجأونا.
7. الجبل الوَعْر: الصعب الذي لا يرقى إليه.
8. عزم الله لنا: أراد لنا أن نذبّ عن حوزته.
9. المراد من الحَوْزة هنا: الشريعة الحقة.
10. رمى من وراء الحُرْمة: جعل نفسه وقاية لها يدافع السوء عنها، فهو من ورائها أو هي من ورائه.
11. احمرار البأس: اشتداد القتال.
12. حَر الأسنة ـ بفتح الحاء ـ : شدة وقعها.
13. مؤتة ـ بضم الميم ـ : بلد في حدود الشام.
14. بقدم مثل قدمى جَرَتْ وثَبَتَتْ في الدفاع عن الدين.
15. السابقة: فضله السابق في الجهاد.
16. أدلى إليه برَحِمِهِ: توسَّلَ، و بمال دفعه اليه ; و كلا المعنيين صحيح.
17. تنْزِع ـ كتضرب ـ أي: تنتهي.
18. الشقاق: الخلاف.
19. الزَوْر ـ بفتح فسكون ـ : الزائرون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق