أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللهِ فِي سَرَائِرِ أُمُورِهِ وَخَفِيَّاتِ عَمَلِهِ،
حَيْثُ لاَ شَهِيدَ غَيْرُهُ، وَلاَ وَكِيلَ دُونَهُ. وَ أَمَرَهُ أَلاَّ
يَعْمَلَ بَشَيْءٍ مِنْ طَاعَةِ اللهِ فِيما ظَهَرَ فَيُخَالِفَ إِلَى
غَيْرِهِ فِيَما أَسَرَّ، وَمَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ سِرُّهُ عَلاَنِيَتُهُ،
وَفِعْلُهُ وَمَقَالَتُهُ، فَقَدْ أَدّى الْأَمَانَةَ، وَأَخْلَصَ
الْعِبَادَةَ. وَأَمَرَهُ أَلاَّ يَجْبَهَهُمْ
(1)
، وَلاَ يَعْضَهَهُمْ
(2)
، وَلاَ يَرْغَبَ عَنْهُمْ
(3)
تَفَضُّلاً بِالْإِمَارَةِ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمُ الْإِخْوَانُ فِي
الدِّينِ، وَ الْأَعْوَانُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ. وَإِنَّ لَكَ
فِي هذِهِ الصَّدَقَةِ نَصِيباً مَفْرُوضاً، وَحَقّاً مَعْلُوماً،
وَشُرَكَاءَ أَهْلَ مَسْكَنَة، وَضَعَفَاءَ ذَوِي فَاقَةٍ، إِنَّا
مُوَفُّوكَ حَقَّكَ، فَوَفِّهِمْ, حُقُوقَهُمْ، وَإِلاَّ تَفْعَلْ
فَإِنَّكَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ خُصُوماً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَبُؤْسي
(4)
لِمَنْ -خَصْمُهُ عِنْدَ اللهِ - الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ
وَالسَّائِلُونَ وَالْمَدْفُوعُونَ وَالْغَارِمُونَ وَابْنُ السَّبِيلِ!
وَمَنِ اسْتَهَ
انَ بِالْأَمَانَةِ، وَرَتَعَ فِي الْخِيَانَةِ، وَلَمْ يُنَزِّهَ نَفْسَهُ
وَدِينَهُ عَنْهَا، فَقَدْ أَحَلَّ بِنَفْسِهِ الْذُّلَّ وَالْخِزْيَ
(5)
فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَذَلُّ وَأَخْزَى. وَإِنَّ
أَعْظَمَ الْخِيَانَةِ خِيَانَةُ الْأُمَّةِ، وَأَفْظَعَ الْغِشِّ غِشُّ
الْأَئِمَّةِ، وَالسَّلاَم.
1. جَبَهَهُ ـ كمنعه ـ : أصله ضرب جَبْهته، والمراد: واجهه بما يكره.
2. عَضِهَ فلاناً ـ كفرح ـ : بهته.
3. لا يرغب عنهم: لايتجافى.
4. بوسَي علي وزن (فُعْلي):اي عذاب وشدة.
5. الخِزْي ـ بكسر الخاء وسكون الزاي ـ : أشد الذل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق