مَا هِيَ إِلاَّ الكُوفَةُ، أقْبِضُهَا وَأَبْسُطُهَا (2) ، إنْ لَمْ تَكُوني إِلاَّ أَنْتِ، تَهُبُّ أَعَاصِيرُك (3) ، فَقَبَّحَكِ اللهُ!وتمثّل بقول الشاعر:
لَعَمْرُ أَبِيكَ الْخَيْرِ يَا عَمْرُو إِنَّني عَلَى وَضَر (4) مِنْ ذَا الْإِنَاءِ قَلِيلِ
ثم قال عليه السلام: أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اطَّلَعَ الْيَمَنَ (5) ، وَإِنِّي وَاللهِ لَأَظُنُّ أَنَّ هؤُلاءِ القَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ (6) بِاجْتِماعِهمْ عَلَى بَاطِلِهمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ، وَبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ في الْحَقِّ، وَطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ في البَاطِلِ، وَبِأَدَائِهِمُ الْأَمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَخِيَانَتِكُمْ، وَبِصَلاَحِهمْ في بِلاَدِهِمْ وَفَسَادِكُمْ، فَلَو ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْبٍ (7) لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلاَقَتِهِ (8) . اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَمَلُّونِي، وَسَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي، فَأَبْدِلنِي بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ، وأَبْدِلْهُمْ بِي شَرَّاً مِنِّى، اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ (9) كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، أَمَاوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ.
هُنَالِكَ، لَوْ دَعَوْتَ، أَتَاكَ مِنْهُمْ فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الْحَمِيم ثم نزل عليه السلام من المنبر. قال سيّد الشريف: أقولُ: والارمية جمع رَميٍّ وهو: السحاب، والحميم ها هنا: وقت الصيف، وإنما خصّ الشاعر سحاب الصيف بالذكر لأنه أشد جفولاً، وَأسرع خُفوفاً (10) ، لانه لا ماء فيه، وإنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء، وذلك لا يكون في الأكثر إلا زمان الشتاء، وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دُعوا، والإغاثة إذا استغيثوا، والدليل على ذلك قوله: «هنالك، لو دعوت، أتاك منهم...».
لَعَمْرُ أَبِيكَ الْخَيْرِ يَا عَمْرُو إِنَّني عَلَى وَضَر (4) مِنْ ذَا الْإِنَاءِ قَلِيلِ
ثم قال عليه السلام: أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اطَّلَعَ الْيَمَنَ (5) ، وَإِنِّي وَاللهِ لَأَظُنُّ أَنَّ هؤُلاءِ القَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ (6) بِاجْتِماعِهمْ عَلَى بَاطِلِهمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ، وَبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ في الْحَقِّ، وَطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ في البَاطِلِ، وَبِأَدَائِهِمُ الْأَمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَخِيَانَتِكُمْ، وَبِصَلاَحِهمْ في بِلاَدِهِمْ وَفَسَادِكُمْ، فَلَو ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْبٍ (7) لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلاَقَتِهِ (8) . اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَمَلُّونِي، وَسَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي، فَأَبْدِلنِي بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ، وأَبْدِلْهُمْ بِي شَرَّاً مِنِّى، اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ (9) كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، أَمَاوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ.
هُنَالِكَ، لَوْ دَعَوْتَ، أَتَاكَ مِنْهُمْ فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الْحَمِيم ثم نزل عليه السلام من المنبر. قال سيّد الشريف: أقولُ: والارمية جمع رَميٍّ وهو: السحاب، والحميم ها هنا: وقت الصيف، وإنما خصّ الشاعر سحاب الصيف بالذكر لأنه أشد جفولاً، وَأسرع خُفوفاً (10) ، لانه لا ماء فيه، وإنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء، وذلك لا يكون في الأكثر إلا زمان الشتاء، وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دُعوا، والإغاثة إذا استغيثوا، والدليل على ذلك قوله: «هنالك، لو دعوت، أتاك منهم...».
1. تواترت عليه الاخبار: ترَادَفَتْ وتواصَلَت.
2. أقْبضُها وأبْسُظُها: أي أتصرف فيها كما يتصرف صاحب الثوب في ثوبه يقبضه أويبسطه.
3. الاعاصير: جمع إعصار، وهي ريح تهب وتمتد من الارض نحو السماء كالعمود.
4. الوَضرُ ـ بالتحريك ـ : بقية الدّسم في الاِناء.
5. اطّلَعَ اليمنَ: غَشِيَها بجيشه وغزاها وأغار عليها.
6. سَيُدَالُونَ منكم: سيغلبونكم وتكون لهم الدولة بَدَلَكُمْ.
7. القَعْب ـ بفتح القاف ـ : القدح الضخم.
8. عِلاقة القَعْب ـ بكسر العين ـ : مايعلق منه من ليف أونحوه.
9. مِثْ قلوبهم: أَذِبْها، ماثه يميثه: أذابه.
10. خُفُوفاً: مصدر غريب لخَفّ بمعنى انتقل وارتحل مسرعاً، والمصدر المعروف «خفّاً».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق